أنجبت في رمضان، ولم أصم الشهر كاملاً، فكم كفارة هذه الأيام نقداً؛ لأنني لا أستطيع إخراجها في الوقت الحالي؟
الجواب /
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه؛ فعلى من أفطر أياماً من رمضان أن يقضيها، ولا تغني الفدية عن القضاء إلا عند العجز عنه، ومن لزمه قضاء فعليه الوفاء به قبل مجيء رمضان التالي، فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ» [صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب متى يُقضى قضاء رمضان]، قال ابن حجر، رحمه الله: "ويؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان، أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر" [فتح الباري: 4/191]، فمن أخر القضاء حتى دخل عليه رمضان التالي، فإما: أن يكون تأخير القضاء بعذر كالمرض وغيره، فهذا لا إثم عليه بالتأخير؛ لأنه معذور، فيقضي عدد الأيام التي أفطرها، وليس عليه كفارة، أما من أخر القضاء حتى أتى رمضان الآخر دون عذر، فللعلماء فيه قولان:
القول الأول: ما ذهب إليه المالكية والشافعية والحنابلة، وهو أنه آثم بتأخيره القضاء، ويجب عليه القضاء والكفارة [القوانين الفقهية، ص: 84، شرح المحلى على المنهاج: 2/68-69، المهذب: 6/363، كشاف القناع: 2/334، الإنصاف: 3/333].
القول الثاني؛ أنه لا يلزمه إلا القضاء، إلا أنه آثم بالتأخير، لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]، فقد ذكر الله تعالى القضاء، ولم يذكر الإطعام، وهذا مذهب الحنفية وبعض العلماء [الفتاوى الهندية: 1/208، مراقي الفلاح، ص:375].
وعليه؛ فينبغي لك قضاء ما فاتك من الصيام، ولا يلزمك إخراج الكفارة، عملاً برأي الحنفية ومن وافقهم؛ لأنه لا يلجأ إلى إخراجها إلا حين يكون المكلف مصاباً بمرض مزمن لا يرجى برؤه؛ مما يسبب العجز الدائم عن الصيام، والله تعالى يقول: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184]، والله تعالى أعلم.